دكتورة ط³ظ…ظٹط±ط© موسى
عالمة الذرة
لكي لا ننسى
قال المتحدث باسم السفارة المصرية في واشنطن:
إن الآنسة ط³ظ…ظٹط±ط© ظ…ظˆط³ظ‰ علي الطالبة المصرية التي تتلقى العلم
في الولايات المتحدة قتلت
في حادث سيارة بعد أن أتمت دراستها في جامعة
(أوكردج بولاية تنيسي الأمريكية)
هكذا.. نشر الخبر في آخر صفحة من جريدة المصري في 19 أغسطس عام 1952..
أعلن هذا الخبر وفاة الدكتورة ط³ظ…ظٹط±ط© ظ…ظˆط³ظ‰
عالمة ط§ظ„ط°ط±ط© من قرية سنبو الكبرى
ميس كوري الشرق أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول
( جامعة القاهرة حالياً )
فمن هي هذه الفتاة ذات الملامح المصرية الأصيلة؟
ولماذا كان الخبر يحيط به هالة من الغموض والشكوك؟
وأين تكريمنا لهذه النماذج العلمية الفريدة؟
بل .. من يكمل ما بدأته ط³ظ…ظٹط±ط© موسى؟
الأب .. ظ…ظˆط³ظ‰ علي
كان هذا الرجل هوبطل البداية
الذي بشر بقدوم الابنة الرابعة (سميرة)
فحمد الله عز وجل على هذه الدرة الغالية،
وعزم على ألا يفرق في التعليم بين بناته السبع وأبنائه الذكور
الذين رزق بهم بعد ذلك
شهد شهر مارس مولد الدكتورة ط³ظ…ظٹط±ط©
في 3 مارس من عام 1917
وكان ذلك في قرية سنبو الكبرى
مركز زفتى بمحافظة الغربية
في السنة الثانية من عمرها جاءت ثورة عام 1919 لتنادي بحرية الوطن ..
وفتحت ط³ظ…ظٹط±ط© عينيها على أناس قريتها الذين يجتمعون باستمرار في دار الحاج ظ…ظˆط³ظ‰
يناقشون الأمور السياسية المستجدة ويرددون شعارات الاستقلال الغالية،
هيأ هذا المناخ لسميرة أن تصاغ امرأة وطنية تعتز بمصريتها وعروبتها دائماً
وعندما شبت فتاة يافعةوجدت تياراً آخر ينادي بحرية تعليم المرأة
في جميع مراحل التعليم كان من قياداته صفية زغلول،
وهدى شعراوي، ونبوية موسى، وغيرهن
إلا أن هذا التيار أثر تأثيراً غير مباشر على تقدم ط³ظ…ظٹط±ط© في علمها
وضحى والدها الحاج ظ…ظˆط³ظ‰ بكثير من التقاليد السائدة ليقف إلى جانب ابنته
حتى تكمل مسيرتها وسط تشجيع من حوله بالاهتمام بهذه النابغة
تعلمت ط³ظ…ظٹط±ط© منذ الصغر القراءة والكتابة، وحفظت أجزاء من القرآن الكريم ،
وكانت مولعة بقراءة الصحف التي لم يخل بيت أبيها منها،
وأنعم الله عليها بذاكرة قوية تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته
في 23 نوفمبر من عام 1927، توفي سعد زغلول،
وتولت الطفلة ط³ظ…ظٹط±ط© التي لم يتجاوز سنها عشر سنوات
قراءة الخبر كاملاً لضيوف والدها قراءة عربية راقية
وحينما توافد آخرون لسماع الخبر من جديد ألقته سميرة
عليهم من الذاكرة دون الحاجة إلى الجريدة
إلى القاهرة
انتقل الحاج ظ…ظˆط³ظ‰ مع ابنته إلى القاهرة من أجل تعليمها
واشترى ببعض أمواله فندقاً بالحسين حتى يستثمر أمواله
في الحياة القاهرية
التحقت ط³ظ…ظٹط±ط© بمدرسة "قصر الشوق"
الابتدائية ثم بمدرسة "بنات الأشراف"
الثانوية الخاصة والتي قامت على تأسيسها وإدارتها
"نبوية موسى"
حصدت الطالبة ط³ظ…ظٹط±ط© الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها،
فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935،
ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت حيث لم يكن يسمح
لهن بدخول امتحانات التوجيهية
إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925
بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر
ولقد كان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها ،
حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول،
دفع ذلك ناظرة المدرسة نبوية ظ…ظˆط³ظ‰ إلى شراء معمل خاص حينما
سمعت يومًا أن ط³ظ…ظٹط±ط© تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل
ويذكر عن نبوغها أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية،
وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام 1933
اختارت ط³ظ…ظٹط±ط© ظ…ظˆط³ظ‰ كلية العلوم ، حلمها الذي كانت تصبو إليه ،
رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة
حينما كانت أغلى أمنية لأي فتاة هي الالتحاق بكلية الآداب
لبست ط³ظ…ظٹط±ط© الرداء الأبيض ودخلت معامل الكلية شغوفة لتحصيل العلم .
وهناك ، لفتت نظر أستاذها الدكتور علي مشرفة،
أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم
كان
(دكتور علي مشرفة)
البطل الثاني في حياة ط³ظ…ظٹط±ط© ظ…ظˆط³ظ‰ حيث تأثرت به تأثراً مباشرًا،
ليس فقط من الناحية العلمية ،
بل أيضاً بالجوانب الاجتماعية في شخصيته
حصلت د.سميرة على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها ،
وعينت كأول معيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود
د.علي الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب،
وعلى رأسهم الإنجليزي "آيرز"
حصلت على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات
ثم سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي،
وحصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة
أنجزت الرسالة في سنتين وقضت السنة الثالثة في أبحاث متصلة
وصلت من خلالها إلى معادلة هامة تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس
ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع
ومن ثم تخرج الدول الفقيرة من حكر الدول الغنية كأمريكا
الذرة من أجل السلام
مع الأسف الشديد ، لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها
د. ط³ظ…ظٹط±ط© موسى،
ولا نملك إلا أن نتجول في فكرها الغامض في محاولة للاستفادة منه قدر المستطاع
لقد كانت تأمل أن يكون لمصر والوطن العربي مكان وسط هذا التقدم العلمي الكبير،
حيث كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام،
فإن أي دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة
فقد عاصرت الدكتورة ط³ظ…ظٹط±ط© ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية
التي دكت هيروشيما وناجازاكي في عام 1945
ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل،
وسعيها للانفراد بالتسلح النووي في المنطقة
حيث قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط
من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948
وحرصت على إيفاد البعثات للتخصص في علوم ط§ظ„ط°ط±ط© فكانت دعواتها المتكررة
إلى أهمية التسلح النووي، ومجاراة هذا المد العلمي المتنامي
وما المعادلة التي توصلت إليها إلا ثمرة هذا الفكر النابض
عند د. ط³ظ…ظٹط±ط©
تلك المعادلة التي لم تكن تلقى قبولاً عند العالم الغربي
عملت د. ط³ظ…ظٹط±ط© على إنشاء هيئة الطاقة الذرية ..
وتنظيم مؤتمر ط§ظ„ط°ط±ط© من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم
وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم
لقد كانت تأمل أن تسخر ط§ظ„ط°ط±ط© لخير الإنسان
وتقتحم مجال العلاج الطبي حيث كانت تقول
(أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين)
ونزلت متطوعة للخدمة في مستشفيات القصر العيني؛
للمساعدة في علاج المرض بالمجان
د. ط³ظ…ظٹط±ط© موسى
كانت عضوا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها
"لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية
د. ط³ظ…ظٹط±ط© ظ…ظˆط³ظ‰ .. والجانب الأخر
كانت د. ط³ظ…ظٹط±ط© مولعة بالقراءة ،
وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها إلى المركز القومي للبحوث ،
حيث الأدب والتاريخ وخاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة
أجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود،
كما نمت موهبتها الأخرى في فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع ،
وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها
شاركت د. ط³ظ…ظٹط±ط© في جميع الأنشطة الحيوية حينما كانت طالبة بكلية العلوم ،
انضمت إلى ثورة الطلاب في نوفمبر عام 1932
والتي قامت احتجاجا على تصريحات اللورد البريطاني "صمويل"
وشاركت في مشروع القرش لإقامة مصنع محلي للطرابيش
وكان( د. علي مشرفة )
من المشرفين على هذا المشروع،
وشاركت في جمعية الطلبة للثقافة العامة
والتي هدفت إلى محو الأمية في الريف المصري، وجماعة النهضة الاجتماعية ،
والتي هدفت إلى تجميع التبرعات؛ لمساعدة الأسر الفقيرة،
كما انضمت أيضًا إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة، وإنقاذ الأسر الفقيرة
تأثرت د. ط³ظ…ظٹط±ط© بإسهامات المسلمين الأوائل ..
متأثرة بأستاذها أيضا
د.علي مشرفة ولها مقالة عن محمد الخوارزمي ودوره
في إنشاء علوم الجبر
ولها عدة مقالات أخرى من بينها مقالة مبسطة عن الطاقة الذرية
أثرها وطرق الوقاية منها شرحت فيها ماهية ط§ظ„ط°ط±ط© من حيث تاريخها وبنائها،
وتحدثت عن الانشطار النووي وآثاره المدمرة ..
وخواص الأشعة وتأثيرها البيولوجي
وقد أوضحت جانباً من فكرها العلمي في مقالة:
(ما ينبغي علينا نحو العلم)
حيث حثت الدكتورة ط³ظ…ظٹط±ط© الحكومات على أن تفرد للعلم المكان الأول في المجتمع،
وأن تهتم بترقية الصناعات وزيادة الإنتاج والحرص على تيسير المواصلات
كما كانت دعوتها إلى التعاون العلمي العالي على أوسع نطاق
سافرت د.سميرة ظ…ظˆط³ظ‰ إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا ..
ولم تنبهر ببريقها أو تنخدع بمغرياتها ففي خطاب إلى والدها قالت:
ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر،
يبدءون كل شيء ارتجاليا فالأمريكان خليط من مختلف الشعوب،
كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئاً على الإطلاق
فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر
إلى بلد يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده؛ لأنه غريب
حادث أم اغتيال؟
مر أكثر من 48 عاماً على رحيل د.سميرة،
وما زال حادث مقتلها في أمريكا محاطاً بالغموض
استجابت الدكتورة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا في عام 1951،
أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية،
تلقت عروضاً لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت بقولها:
"ينتظرني وطن غالٍ يسمى مصر"
وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا
في 15 أغسطس،
وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة؛
لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادي عميق،
قفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد ..
وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسمًا مستعاراً
وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها
كانت تقول لوالدها في رسائلها :
لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أعمل حاجات كثيرة..
ولقد علق محمد الزيات مستشار مصر الثقافي في واشنطن وقتها أن كلمة
(حاجات كثيرة)
كانت تعني بها أن في قدرتها اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة
إلى ذرات عن طريق التوصيل الحراري للغازات
ومن ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف
وفي أخر رسالة لها كانت تقول:
لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر
سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام
حيث كانت تنوي إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم
أين سيارة النقل التي ظهرت في طريقها؟ .. ومن كان فيها؟
أين ما توصلت إليه الشرطة الأمريكية؟
ولماذا قيدت القضية ضد مجهول؟
هل ماتت د.سميرة ميتة عادية ؟؟؟
أم أنه حادث اغتيال
وهكذا غربت شمس هذه العالمة الجليلة
في 15 أغسطس عام 1952
سلمت إلى والدها نوتة سوداء صغيرة كانت تسجل فيها خواطرها
وكانت آخر ما خطته فيها
ثم غربت الشمس
منقول للفــائدة